2025-09-22 04:24:39
أجبرت موجة الغضب العارمة التي اجتاحت الجماهير البلغارية بعد إخفاق منتخبها في التأهل لبطولة أمم أوروبا 2024، رئيس اتحاد كرة القدم بوريسلاف ميخايلوف على تقديم استقالته بعد 18 عاماً قضاها في قيادة الاتحاد. جاءت هذه الخطوة تتويجاً لسلسلة متواصلة من الاحتجاجات والمطالبات الشعبية بإجراء إصلاحات جذرية في المنظومة الكروية بالبلاد.
وقد شهدت العاصمة صوفيا مشاهد غير مسبوقة عندما تجمع آلاف المشجعين الغاضبين خارج ملعب المباراة الحاسمة ضد المجر في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث رفعوا شعارات تطالب برحيل ميخايلوف، الذي وصفه الكثيرون بأنه السبب الرئيسي في تدهور كرة القدم البلغارية. وواجهت قوات الأمن المحتجين بعنف باستخدام مدافع المياه والهراوات، مما أسفر عن عشرات الإصابات في مواجهات وصفت بالأكثر دموية في تاريخ الرياضة البلغارية.
ويعد هذا الإخفاق الرياضي حلقة جديدة في سلسلة الإخفاقات التي تعاني منها كرة القدم البلغارية منذ أن حقق المنتخب إنجازه التاريخي بحصوله على المركز الرابع في كأس العالم 1994. فمنذ تولي ميخايلوف رئاسة الاتحاد عام 2005، فشل المنتخب الوطني في التأهل لأي بطولة كبرى، باستثناء بطولة أمم أوروبا 2004 التي كانت آخر مشاركة مهمة للبلاد.
وكشفت التحقيقات الصحفية عن فساد كبير واستشراء لممارسات غير قانونية خلال فترة رئاسة ميخايلوف، بما في ذلك مزاعم التلاعب بنتائج المباريات والمراهنات غير المشروعة، فضلاً عن إساءة استخدام أموال الدولة. وقد حاول ميخايلوف في بيان استقالته نفي هذه الاتهامات، واصفاً نفسه بـ”كبش الفداء”، ومتحدثاً عن “محرّضين مأجورين” وراء الاحتجاجات.
من جانبهم، يرى الخبراء الرياضيون أن استقالة ميخايلوف ليست سوى بداية الطريق لإصلاح حقيقي. فكما يقول الصحفي الرياضي ستانيل يوتوف: “أسس كرة القدم لدينا ليست صحيحة على الإطلاق”، مشيراً إلى أن المنتخب الوطني شهد 15 مدرباً مختلفاً خلال فترة ميخايلوف، مع إهمال واضح للبنية التحتية وقطاع الناشئين.
ويطالب الخبراء الآن بتنظيم مؤتمر وطني شامل لوضع استراتيجية جديدة لإنقاذ كرة القدم البلغارية، مع التركيز على استثمار الدولة في الملاعب، واعتماد الشفافية في إدارة الأندية، وإصلاح نظام حقوق البث التلفزيوني. كما يدعو الاقتصاديون إلى ما أسموه “علاجاً بالصدمات” يشمل حزمة سياسات جريئة لإعادة هيكلة المنظومة الرياضية بالكامل.
ويبقى السؤال الأكبر: هل ستكون استقالة ميخايلوف بداية حقبة جديدة لكرة القدم البلغارية، أم أنها مجرد حلقة في دائرة الفشل التي لن تنتهي؟ الجماهير البلغارية تنتظر الإجابة على أرض الملعب في التصفيات المقبلة.
